• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أسوة حسنة (خطبة)
    أحمد بن علوان السهيمي
  •  
    إذا استنار العقل بالعلم أنار الدنيا والآخرة
    السيد مراد سلامة
  •  
    خطبة: أم سليم صبر وإيمان يذهلان القلوب (2)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    تحريم أكل ما ذبح أو أهل به لغير الله تعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    الكبر
    د. شريف فوزي سلطان
  •  
    الفرق بين إفساد الميزان وإخساره
    د. نبيه فرج الحصري
  •  
    مهمة النبي عند المستشرقين
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (3)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    ماذا سيخسر العالم بموتك؟ (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    فقه الطهارة والصلاة والصيام للأطفال
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    ثمرة محبة الله للعبد (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    خطبة: القلق من المستقبل
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    فوائد وعبر من قصة يوشع بن نون عليه السلام (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    خطبة: المخدرات والمسكرات
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    {وما النصر إلا من عند الله} ورسائل للمسلمين
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرزاق، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / التاريخ والتراجم / تاريخ
علامة باركود

مدرسة "الصولتية" معلمة بجوار الحرم المكي

مدرسة "الصولتية" معلمة بجوار الحرم المكي
د. محمد سعيد صمدي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 17/3/2013 ميلادي - 5/5/1434 هجري

الزيارات: 13735

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

مدرسة "الصولتية" معلمة بجوار الحرم المكي

 

أ - الحرم المكي وظهور المدارس التعليمية:

قال تعالى: ﴿ أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ ﴾ [القصص: 57]؛ وقال الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم -: ((إن هذا البلد حرَّمَه الله يوم خلَق السموات والأرض، فهو حرام بحُرْمة الله إلى يوم القيامة))[1].

 

شُرِّفت بلدة مكة بهذا البيت العتيقِ، الذي اختاره الباري تعالى رمزًا لتمحيص العبودية وتوحيد الألوهية في الأرض تحت سقف البيت المعمور؛ ﴿ وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ ﴾ [الحج: 26].

 

إنها البلدة التي يَحُج إليها المؤمنون من كل فَجٍّ عميق، وحَرَمُها هو أول حَرَمٍ تُشدُّ إليه الرِّحال، قال تعالى: ﴿ وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا ﴾ [البقرة: 125]، جاء في الصِّحاح: "وثاب الرجل يثوب ثوْبًا وثَوَبانًا: رجع بعد ذَهابه، وثاب الناس: اجتمعوا وجاؤوا، والمثابة: الموضِع الذي يُثاب إليه؛ أي: يُرجَع إليه مرة بعد أخرى"[2]، هكذا اقتضتْ حكمته تعالى أن يجعل من هذه البقعة الطاهرة مكانًا محبوبًا للمثابة (بالمُثَّلثة)؛ أي: زيارته والعودة إليه تطهيرًا وتقرُّبًا وزُلفى.

 

والناظر في تاريخ الحرم - المسجد الحرام - يجد أن هذه الروضة الطاهرة، إلى جانب رديفتها المنورة / روضة المسجد النبوي، ستؤسِّسان لأُولى فضاءات الحلقات التعليمية العلميّة التي ستظهر وتتطوَّر مع البواكر الأولى لبروز الإسلام والحضارة التي ستُبنى بعد هذا الظهور، وسيصبح للحرم المكي حلقاتٌ مُنتظِمة لتحفيظ القرآن الكريم ومعاهد للدراسة، وإلى الآن ما زالت تشتغِل بعض هذه المعاهد، مستفيدةً من طرائق التدريس المعاصرة، محافِظةً على خصوصيَّة التعليم الشرعي وأصوله، وبُنيت مكتبات وخزانات داخل الحرم؛ لتكون المصادر قريبةً من المتعلمين المنتظمين بمعاهد الحَرَم، وما زالت بعض المكتبات إلى الآن خارج باحة الحرم كـ"مكتبة الحرم المكي الشريف" التي أوقفها السلطان عبدالمجيد، و"مكتبة مكة المكرمة" التي جعلها الملك عبدالعزيز بذكائه وبُعد نظره في المكان المبارك الذي وُلِد به المصطفى - صلى الله عليه وسلم - وليوظَّف الموقعُ توظيفًا حضاريًّا، ويُستغَل علميًّا وروحيًّا بعيدًا عن الأباطيل والأفاعيل المنافية لجوهر الرسالة المحمدية، وبالمناسبة لا بد من مزيد اهتمام بمحيط هذه البِناية، الذي يُلاحظ عليه الإهمال وغياب الرونق.

 

وستظهر بعض المدارس خارج المسجد الحرام بالأحياء المجاورة؛ نظرًا لعدة اعتبارات من أهمها: تكدُّس الطلبة المقيمين والآفاقيين - خاصة من مسلمي آسيا وإفريقيا - على معاهد الحرم؛ مما اقتضى واضطر إلى التفكير في إيجاد مِثل هذه المدارس التي اشتَهرت داخل الحجاز وخارجه وذاع صيتُها، ومن أبرز المدارس الشرعية التي ظهرت بمكة المكرمة "المدرسة الغياثية" أو مدرسة الملِك المنصور، التي بناها المنصور غياث الدين سنة 813هـ وأوقَف عليها أموالاً كثيرة، و"مدرسة قايتباي"، وهي أكبر ما أُنشئ للدراسة بجوار المسجد الحرام، أنشأها أحد سلاطين المماليك المدعو (محمد قايتباي المحمودي) في القرن التاسع، و"المدارس الأربعة" التي بناها السلطان سليمان القانوني سنة 927هـ، وأوقف عليها أموالاً طائلة لتدريس المذاهب الأربعة، و"المدرسة الخيرية" التي أسَّسها العلامة محمد حسين بن يوسف الخياط المغربي المكي، والمدرسة العلمية الصامدة إلى الآن مدرسة "الصَّوْلَتِيَّة"، كما أُنشئت مدارس أخرى على غِرار هذه الأخيرة، منها: مدرسة الفلاح، التي أسسها محمد زينل علي رضا سنة 1330هـ (كانت أول مرة بالقشاشية، ثم انتقلت إلى الشبيكة سنة 1368هـ)، يقول العلامة المؤرخ الشيخ محمد عمر رفيع عن هاتين الأخيرتين: "قد كان لكلتا المدرستين أطيب الأثر في تخريج ناشئةٍ متعلمةٍ، كانت الدعامة الأولى للدوائر الحكومية عندما مسَّت الحاجة، كما أن سابقتها المدرسة الصولتية أنجبتْ من العلماء والفضلاء من عُيِّنوا قضاةً في المحاكم، سواء في العهد الهاشمي، أو في العهد السعودي"[3]، وسنَخصُّ هذا التحرير بمدرسة الصولتية، التي قدَّر الله لنا زيارتها موسم حج سنة 1427هـ.

 

ب - المؤسس الشيخ محمد رحمت الله العثماني المتوفَّى سنة 1308هـ:

هو الشيخ محمد رحمت الله بن خليل الرحمن الكيْرانوي، الذي ينتهي نسبه إلى الخليفة الثالث عثمان بن عفان - رضي الله عنه - وُلِد بقرية كَيْرانَه التابعة لدلهي سنة 1233هـ الموافق 1818م، من أسرة تنتمي لأحد أشهر البيوتات الهندية المسلمة التي اشتَهرت بالعِلم والطب والمناصب العليا في عهد السلطنة المغولية المسلمة، وله باعٌ طويل في تنظيم الجهاد ضد المستعمر الإنجليزي؛ بنفس المستوى الذي عُرف به في محاجَجَة المنصِّرين ومناظرتهم، ومن أشهر ما صنَّفه في الرد على شبهاتهم باللغة العربية والأردية والفارسية التآليف التالية:

1 - إزالة الأوهام

2 - إزالة الشكوك

3- إعجاز عيسوي

4 - أحسن الأحاديث في إبطال التثليث

5 - البروق اللامعة

6 - البحث الشريف في إعجاز النسخ والتحريف

7 - معدل اعوجاج الميزان

8 - تقليب المطاعن

9 - معيار التحقيق

10 - إظهار الحق في الرد على المسيحيين والمبشِّرين.

 

وكلُّها طُبِعت بالهند، ما عدا "البروق اللامعة"، و"تقليب المطاعن"، وآخر كتُبه "إظهار الحق" ألَّفه في إحدى زياراته للقسطنطينية بأمر السلطان عبدالعزيز خان.

 

خرج - رحمه الله - من الهند؛ بسبب جَور المحتلِّ، الذي كان يتربَّص به ويترصَّد خطواتِه؛ بسبب ما كان يقوم به من دَور في كفاح الاحتلال، وتحكي كتب ترجمته أن جيش الإنجليز فتَّش قريته (كيرانه) والقرى التي مرَّ منها بيتًا بيتًا، وانتهَب كل ممتلكاته الكثيرة التي ورِثها عن أسرته، وباعها بالمزاد العلني، خرج وعمره إحدى وأربعون سنة، واستمرّت رحلته إلى البلد الحرام سنتين كاملتين.

 

تعرَّف على الشيخ أحمد بن زيني دحلان الإمام والخطيب بالمسجد الحرام وقتئذٍ، وبعد أن أدرَك الشيخ دحلان مكانة الرجل العلميَّة ودقة فتاويه على المذهب الحنفي، أجازه إجازة التدريس بالحرم المكي، وسجَّل اسمه في السجل الرسمي لعلماء الحرم، وأذن له الشريف عبدالله بن عون بن محمد أمير مكة المكرمة في عهد السلطان عبدالعزيز خان بالتدريس في المسجد الحرام.

 

مارس التدريس بالحرم لمدة تَزيد على العَقد من الزمان، وتبيَّن له ضرورة إحداث تغييرات على النمط التقليدي الذي تُدار به حلقات العِلم، فسعى إلى تأسيس أول مدرسة منظَّمة على نفقته داخل الحرم سنة 1285هـ على غِرار مدارس الهند الإسلامية وغيرها، روى عنه جمع غفيرٌ من الشرق والغرب، وبعد عمر حافل بالعطاء عمَّر خمسًا وسبعين سنة تُوفِّي الشيخ رحمت الله - رحمه الله - ليلة الجمعة 22 من رمضان المبارك سنة 1308هـ ، وأكرمه الله بمجاورة قبره لقبر السيدة أم المؤمنين خديجة - رضي الله عنها - بمقبرة "المَعْلاة" التاريخية ببلد الله الحرام.

 

ج - المدرسة في عهدها الأول:

بدأ الشيخ رحمت الله تنفيذَ تصوُّره التعليمي والتربوي داخل الحرم الشريف، إلا أن تَزايُد أعداد الطلبة من المكيين والآفاقيين - ومن الآسيويين بخاصة - كان يحول دون تحقيق ما يَطمح إليه الشيخ المدرِّس؛ لذلك بدأ يفكر في ضرورة إيجاد مدرسة خارج الحرم، خاصة لِما كان يُسبِّبه وجود أعداد الطلبة من تضييق على الحجاج والمعتمرين، فانتقلتِ المدرسة إلى دار أحد المحسنين من أثرياء الهند بدار السقيفة بمحلة الشامية، واشتَهرت وقتها باسم مدرسة رحمت الله، أو المدرسة الهندية، واضطرّ مرة أخرى أن يُعيد الطلبة الحفظة للدراسة بالحرم الشريف؛ بسبب الازدحام، واحتفظ في هذه الدار/ المدرسة بقسم العلوم، وكان دائمًا يدعو الله أن يُحقِّق أمنيتَه بإنشاء بِناية مستقلة لمؤسَّسته.

 

د- صولتُ النساء فاعلة ُخير من الهند:

إذا كان جامع القرويين كأقدم جامعة إسلامية بالمغرب الأقصى - يرجع فضلُ بنائه إلى امرأة، هي السيدة فاطمة الفهرية[4]، فإن امرأة مؤمنة أخرى من ثريات الهند تُدعى السيدة "صولت النساء بيغام" هي التي ستُحقِّق رغبة الشيخ محمد رحمت الله، وستتشرَّف ببناء هذه المدرسة، التي يعتبرها الدارسون أول مدرسة عربية نِظاميَّة بالبلد الحرام وبالحجاز كله.

 

قدِمت هذه الفاضلة سنة 1289 هـ من مدينة كلكتا حاجَّةً بيت الله الحرام، وكانت ترغب في إنشاء رباط تَقِفُه على الحجَّاج، وكان هذا النوع من الرباطات من أهم وأشهر الأوقاف المعروفة وقتئذٍ، لكن الشيخ سيصرف نظرَها عن ذلك لكثرة الأربطة، مُقنعًا إياها بأهمية وأسبقيَّة المدرسة، وكانت "صولت النساء" تسمع بابن بلدها الشيخ رحمت الله قبل مجيئها إلى الحج، خاصة في مجال مُحاجَجة ومناظرة المنصِّرين، فبادرت السيدة بالتبرع بمالها، وفوَّضت الشيخ بشراء الأرض والإشراف على البناء بمحلة الخندرسة (وهو الموقع الحاليّ خلف شارع جبل الكعبة الممتدّ من ميدان الشبيكة في اتجاه التنعيم شمال مقبرة الشبيكة، وهو لا يَبعُد بضع دقائق من باب الملك عبدالعزيز)، وضِعت اللَّبِنة الأولى لهذه المدرسة سنة1290 هـ، وتم افتتاح المدرسة وانتقال الطلبة إليها يوم 12 شعبان 1291هـ؛ وقرَّر الشيخ رحمت الله أن يُطلِق اسم مدرسة "الصولتية" وفاءً لذكرى المرأة.

 

هـ- مرافق المدرسة وجهود مؤسسها في التدريس:

بعد انطلاق الدراسة بالمؤسسة، ستتوسَّع مرافقها رويدًا رويدًا، وسيَغتنِم الشيخ وجود رُكام من الحجارة التي كانت تُبنَى بها مكتبة داخل الحرم، قامت بهدمها الحكومة العثمانية؛ لقُرْبها من بئر زمزم الذي غُطِّي الآن ولمضايقتها للحجاج، فعمِل على حيازة هذه الحجارة فبنى بها مسجدًا أمام المدرسة، ما زال إلى الآن عامرًا بطلبة المدرسة، كما عمِل الشيخ على بناء سكنٍ خاصٍّ بالطلبة الفقراء والوافدين، وأنشأ مكتبةً خاصة بالمؤسسة، ظلَّت تتَّسِع وتَكبر إلى الآن من خلال التحبيس والشراء والإهداء، وقد ضاقت الآن جنباتُها، ونسأل الله أن يمنح المؤسسة فضاءً أرحب لهذه المكتبة العامرة.

 

إلى جانب جهود الشيخ رحمت الله في إرساء أركان المدرسة، والبحث عن مصادر التمويل والإشراف على شؤون الإدارة والتسيير، كان يُمارِس دَورَه في التدريس إلى جانب العلماء الذين تَناوَبوا على العمل بمؤسسته.

 

وقد تتلْمذ على يده جمع غفير ممن صاروا من أعيان وأعلام مكة؛ كالشريف حسين بن علي أمير مكة، والشيخ عبدالرحمن سراج مفتي الحنفية، والشيخ أسعد دهان قاضي مكة سابقًا، والشيخ محمد الخياط المغربي المذكور آنفًا، والشيخ حسين المالكي مفتي المالكية بمكة، وغيرهم كُثر من مدرسي المسجد الحرام، أما أشهر خريجي المدرسة من المتأخرين، فنذكر منهم:

♦ العلامة الشيخ حسن بن محمد المشاط (ت 1399 هـ).

♦ العلامة محمد زين الدين الأنفناني، مؤسس مدرسة "نهضة الوطن الدينية الإسلامية للبنين والبنات" (ت 1418هـ).

♦ العلامة محمد ياسين الفاداني المكي (ت1410هـ).

♦ العلامة السيد محمد علوي بن عباس المالكي (ت 1425هـ).

 

وبعد وفاة الشيخ رحمت الله، سيَتناوب على تسيير شؤون المدرسة أحفاد شقيقه "علي أكبر" إلى الآن، وهم على التوالي الأشراف:

♦ الشيخ محمد سعيد بن علي أكبر (ت 1357هـ).

♦ الشيخ محمد سليم بن محمد سعيد (ت1397هـ).

♦ الشيخ محمد مسعود بن محمد سليم (ت1412هـ).

♦ الشيخ ماجد سعيد بن محمد مسعود، وهو يُدير المدرسة إلى الآن، بارَك الله في عمره، وقد شرَّفني باستقبالٍ حافلٍ ينم عن أصالة هذه الأسرة وعراقتها، ويلاحِظ الزائرُ السهرَ والصيانة اللتين تسهر عليهما هذه الأسرة؛ حفاظًا على هذا الإرث/ الأمانة، إلى جانب التطوير والتجديد؛ مسايرةً للمستجدات والحاجة العلمية.

 

و- صور شعرية في مدح المدرسة:

تتميَّز مِثل هذه المدارس العلمية بالشعور الحميم، الذي يَسِم الجوَّ العامّ للدراسة وما يتخلّلها من مناسبات واحتفالات اختتام الكتب أو السنة الدراسية، وفي مِثل هذه المناسبات تجود قرائح الشعر بما يُعبّر عن نورانية هذه الفضاءات وإشعاعها الروحي، ويَجمُل بنا أن نختم تعريفنا بمعلمة الصولتية بالمقتطفات الشعرية التالية:

 

قال الشيخ أحمد بن إبراهيم الغزاوي - رحمه الله -:

أُمَّ المدارسِ لا برحْتِ عظيمةً
بالنورِ يَبزُغ من سَناكِ ويُنشَرُ
قد خلَّد التاريخُ عنك مآثرًا
يزهو بها العِلمُ الصريح ويَفخَرُ
قد كنتِ أولَ معهدٍ باهَت بهِ
أمُّ القُرى وهفا إليه الأكثَرُ
وتثقَّفتْ فيكِ الرجالُ على التُّقى
والشرقُ في فَوضى الهَوى يَتدهْوَرُ
فامضي إلى الأهدافِ واسعةَ الخُطى
فلأنتِ أحرى بالثَّناء وأجدَرُ

 

وقد تغنَّى شاعر طيبة الشيخ محمد ضياء الدين الصابوني، في قصيدة طويلة بمناسبة الحفل السنوي لختْم الكتب بالمدرسة وإدارتها وطلابها، فقال أواخر سنة 1424هـ:

 

جِئنا نهنِّئ والعواطفُ ثرَّةٌ
أبناءَها المتفوِّقين فَحَيْهَلاَ
والفرحة الكبرى تَعُم قلوبَنا
وتزيدُنا أملاً بطُلاب العُلاَ
حيّوا مديرَ "الصولتية" ماجدًا
قد كان في دنيا (الإدارة) مَشعَلاَ
هي معهدٌ قد شعَّ في أمِّ القرى
فلقد تبوَّأ في المعاهد مَنزِلاَ
العلمُ في أرجائها متألِّقٌ
ولقد أصاب مِن الجهالة مقتَلاَ
يا طالبًا في (الصولتية) جاهدًا
فعليك بالتقوى تَصير مُبَجَّلاَ
تقوَى الإله سعادةٌ وتِجارة
فإذا اتَّقَيْتَ اللهَ فزتَ بما علا

 

وفي احتفالات آخر هذه السنة 1426هـ، قال أيضًا في قصيدة طويلة:

الجِدُّ بالجد، لا باللهوِ والكسلِ
فاربأْ بنفسك أن تُلفَى مع الهَمَلِ
يا أيها الطالبُ المحمودُ سيرتُه
ثابِرْ على الدرسِ والتحصيل والعمَلِ
أنتَ الذي جعل التعليمَ غايتَهُ
فأنت حقًّا مِلءُ السمع والمُقَلِ
في (الصولتية) طلابٌ جهابذةٌ
تحصَّنوا بسلاح العلمِ والمُثُلِ
إني طرِبتُ وهزَّتْني عواطفُكمْ
فرحتُ أختالُ مِثلَ الشَّاربِ الثَّمِلِ
يا (ماجد) وله في الفضل منزلةٌ
أحْيا مآثرها وحلَّ من عُقَلِ
إني أشارِكُ إخواني بفرحتِهمْ
فهذه ساعةُ الأفراح والجَذَلِ
وكم لنا ذكرياتٌ حُلْوةٌ معهم
وأروَعُ الذكرياتِ ما رأتْ مُقَلِي

 

ويوصي الشيخ إسماعيل الزين - رحمه الله - خيرًا بهذه المدرسة والحفاظ عليها في قصيدة نظَمها سنة 1402هـ قائلاً:

إنها " الصولتية" بوَّأها الل
ه بأمِّ القرى مَقامًا جديرَا
رحمةُ الله مُبتداها أساسًا
فكفاها بذاك فخرًا فَخورَا
وسعيدٌ مِن بعده فسليمٌ
قد رَعَوْها وجانَبُوا التقصيرَا
وهي الآن حظُّها السعد بمَسْعو
دٍ وبنجله ماجدٍ ظَهيرَا
شرع مجدها بماضٍ وبالحا
ضِر وآتٍ لا تَقبَل التغييرَا
أيها القائمون دُوموا على العهْ
د الذي صار فيكمُ مذكورَا[5]

 

زار المؤسسة الملك عبدالعزيز آل سعود سنة 1344هـ برُفقة زُمرة من العلماء، وقال عنها قولتَه الشهيرة: "إن الصولتية هي أزهر بلادي".

 

وما ينبغي أن نختم به هذا الحديث، هو إذا كانت "الصولتية" منذ نشأتها قد أنجبتْ علماء كبارًا خدموا المملكة في قطاعات مختلفة، فإنها ومنذ أمدٍ تُعنَى وتحرص أشدَّ ما يكون الحرص على مدِّ الثغرِ الإسلامي الآسيوي - الإندونيسي والباكستاني بخاصة - بهذه الزمرة من الخريجين، الذين يعودون إلى بُلدانهم وقد تشبَّعوا بالمعرفة الإسلامية من أطيب بقعة، وتبقى ملاحظةٌ يجب تسجيلها هنا، وتتعلَّق بغياب تدريس بعض اللغات الأجنبية الأساسية؛ حتى يستطيع المتكوِّن المتخرِّج من التواصل والتفاهم، إذا ما كُتِب له أن يُمارِس دورَه الإشعاعي في بلدة غير عربيَّة من هذا الكون، وخاصة أن المدرسة تستقبِل من المسلمين العجم الكثير، وقد علمتُ من خلال لقائي السريع مع العالم الأستاذ الفاضل الذي يُدير هذه المؤسسةَ أنه يُتقِن أكثر من لغتين؛ مما يُحقِّق له تواصلاً أوسع، وتعريفًا أكبر بهذا الإرث الذي يَسهَر على صونه وتسييره.

 

رحم الله السيدة "صولت النساء بيغام"، وأثاب الشيخَ "محمد رحمت الله" الثواب الحسن، وبارَك الله في جهود الخَلَف من القائمين عليها، الذين يُواصِلون ويُقاوِمون إكراهات الحفاظ على هذا الإرث العلمي الصامد، الذي وُلد في بطن الحرم، وكُتِب له العيشُ خارجه بما يقل عن ميل واحد، ويعلم الله أن المدرسة لو بقيت كما كانت في عصرها الأول داخل الحرم، لكانت الآن مما يُقرأ في كتب المصادر والتاريخ والآثار فقط، ولا ذِكْر لها عند أهل هذا العصر.

 


[1] رواه البخاري ومسلم.

[2] الصحاح في العلوم واللغة (مادة ثوب).

[3] مكة في القرن الرابع عشر الهجري: 203، الطبعة 1، مكة المكرمة، نادي مكة الثقافي، 1404هـ /1981م.

[4] شيَّدت السيدة فاطمة الفهرية جامعَ القرويين بفاس سنة 245هـ/ 859 م، وكانت تصوم طوال مدة البناء، وكان الإمام المولى إدريس بن إدريس المؤسِّس الأول لدولة الإسلام بالمغرب الأقصى قد اشتهرت دعوته في أول خطبة جمعة له بفاس بمناسبة إنشاء هذه المدينة قائلاً: "اللهم إنك تعلم أنني ما أردتُ ببناء هذه المدينة مباهاةً ولا مفاخرة، ولا سمعة ولا مُكابرة؛ وإنما أردت أن تُعبد فيها، ويُتلى كتابك، وتُقام حدودك، وشرائع دينك، وسنة نبيِّك - صلى الله عليه وسلم - ما بقيت الدنيا".

[5] القصائد مُثبَتة في المجلة الصولتية التي أصدرتْها المدرسة بمناسبة اختتام السنة الدراسية لموسم 25/ 1426هـ، أهداني نسخة منها الأستاذ المدير ماجد سعيد - حفِظه الله.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • المدرسة السريالية في الغرب
  • مراحل المدرسة الرمزية
  • نحو معلمة رياض أطفال ناجحة
  • الشيخ محمد عبد الظاهر أبو السمح إمام وخطيب الحرم المكي

مختارات من الشبكة

  • أهم المدارس اللسانية الغربية الحديثة(مقالة - حضارة الكلمة)
  • المدرسة الإسلامية بمانشستر تصنف ضمن أفضل مدارس المدينة(مقالة - المسلمون في العالم)
  • إلى المعلمات والمدرسات(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • مرور 20 عاما على مدرسة كارديف الإسلامية بويلز(مقالة - المسلمون في العالم)
  • مدرسة جامع السلطان امتداد لمدرسة الإمام أبي حنيفة (دورها وتعيين موقعها)(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • المدرسة البنيوية التقليدية (مدرسة جنيف) ومؤسسها دوسوسير(مقالة - حضارة الكلمة)
  • الدور الحضاري للشعر العربي المعاصر - مدرسة الأصالة ومدرسة الحداثة (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • بلجيكا: السماح بالحجاب للمدرسات في المدارس(مقالة - المسلمون في العالم)
  • الهند: اختيار مدرسة إسلامية واحدة فقط ضمن المدارس النموذجية(مقالة - المسلمون في العالم)
  • نيوزيلاند: تحويل مدرسة كاثوليكية إلى مدرسة إسلامية ثانوية(مقالة - المسلمون في العالم)

 


تعليقات الزوار
1- طلبة
ابوبكر الصديق - الهند 12-06-2016 09:40 AM

السلام عليكم،
عرفت كثيرا عن المدرسة الصولتية عبر الشبكة. عندنا بعض الطلبة في الهند وهم حريصون على التحاق اليها. لكن ما وجدنا أي وسيلة اليها حتى الآن.

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 18/11/1446هـ - الساعة: 8:24
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب